ذات صلة

جمع

كارثة في اكبر سوق بجوبا..اليك التفاصيل

شهد سوق كونجو كونجو بجوبا حريقا مروعا أسفر عن...

إصابة (4) مدنيين بالحتانة بقصف المليشيا

واصلت المليشيا الدعم السريع اليوم القصف المدفعي الممنهج على...

الامم المتحدة:العنف المتصاعد يجبر الآلاف للفرار يوميا

قالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن العنف المتصاعد...

المليشيا تطلق النار على فريق طبي بمستشفى

قالت غرفة طوارئ جنوب الحزام إن عددًا من المواطنين...

مسؤول اممي بارز يصل البلاد

نقلت متابعات عن وصول المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم...

دعوة تسليح المدنيين: هل كان سببًا في تفاقم انتهاكات الدعم ضد سكان الجزيرة؟

تستمر قوات الدعم السريع في تنفيذ هجماتها الانتقامية ضد سكان القرى في شرق الجزيرة، بعد انسحاب الجيش من تلك المناطق، مما ترك المواطنين لمواجهة مصيرهم بمفردهم. وقد دفع هذا الوضع البعض إلى اللجوء لحمل السلاح للدفاع عن أنفسهم وعائلاتهم، إلا أن هذا الخيار أسفر عن عواقب عكسية ونتيجة لذلك قُتل العشرات.

تتعرض ولاية الجزيرة لاعتداءات شديدة استهدفت العديد من القرى، وقد ازدادت وطأة هذه الاعتداءات بعد انشقاق قائد قوات الدعم السريع في الولاية، أبو عاقلة كيكل، وإعلانه الانضمام إلى الجيش.

منذ منتصف أبريل 2023، يشارك الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في صراع أسفر عن أكثر من 20 ألف قتيل، وأدى إلى نزوح أكثر من 11 مليون شخص، بحسب ما أفادت به الأمم المتحدة.

أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان يوم الثلاثاء بأن عدد النازحين السودانيين من ولاية الجزيرة تجاوز 135 ألف شخص. على الرغم من معاناة سكان الجزيرة من القتل والاغتصاب والتهجير، دعا كيكل المواطنين في الجزيرة للاستعداد لتحريرها. وفي تسجيل صوتي توجه إلى إحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالسكان، قال: “أنتم الموجودون في هذه المجموعة، شدوا همتكم، فالمهمة أمامنا ليست بسيطة.

نحن نرى معاناة الأطفال والانتهاكات بأعيننا، فيجب أن تتحدوا وتجمعوا قواكم، ومن يستطيع حمل السلاح عليه الإبلاغ، أما من لا يستطيع فعليه المساعدة بالموارد، كالأموال أو السيارات أو الأسلحة.” يرى المراقبون أن دعوة كيكل لتسليح المواطنين ستؤدي إلى تفاقم الانتهاكات التي ترتكبها قوات الدعم السريع في انتقامها من سكان شرق الجزيرة بعد انضمام كيكل للجيش. هؤلاء المراقبون أكدوا أنه لا يوجد من يساند المواطنين، وأهابوا بهم أن يعتمدوا على صوت العقل وألا يستجيبوا لتلك الدعوات التي قد تجعلهم في مواجهة مع قوات الدعم التي لا تتردد في استخدام القوة بشكل مفرط. في الأيام الأولى للحرب، ظهرت أصوات تدعو إلى ضرورة تسليح المواطنين لحماية مناطقهم من الدعم السريع، غير أن هذه الدعوات أدت إلى نتائج عكسية، وأعطت الدعم السريع المبرر لمهاجمة تلك المناطق بزعم وجود مستنفرين فيها.

تُوجه الاتهامات إلى جهات مرتبطة بالنظام السابق بتسليح السكان في بعض قرى الجزيرة، لمواجهة قوات الدعم السريع بعد انسحاب الجيش من معظم مناطق الجزيرة باستثناء منطقة المناقل غرب الولاية. أظهرت المعلومات أن الأسلحة تم نقلها من مدينة كوستي عبر المناقل إلى قرية ود النورة التي تقع إلى الجنوب من ولاية الجزيرة، حيث قدرت المصادر عدد قطع السلاح بحوالي 70 بندقية من نوع “كلاشنيكوف”، وذلك في الفترة ما بين نهاية مايو وبداية يونيو 2024.

يذكر عيسى محمد أنور، الذي شهد بعض الأحداث المتعلقة بتدفق الأسلحة إلى بعض الرجال في قرية ود النورة، أن الشحنة الخاصة بالأسلحة تم تسليمها إلى مجموعة محدودة من الرجال في تلك القرية، وكان الإشراف عليها من قِبَل شقيق القيادي في حزب المؤتمر الوطني حامد ممتاز، الذي ينتمي إلى المنطقة. ويقول أيضًا: “في يوم الأربعاء الخامس من يونيو 2024، حوالي الساعة السادسة والنصف صباحًا، هاجمت قوات الدعم السريع قرية ود النورة بحوالي 24 مركبة قتالية مزودة بمدافع ثقيلة. وفي الجهة المقابلة، كان العشرات من رجال القرية يستخدمون البنادق الروسية، مع الأخذ في الاعتبار أن الجهة التي زودتهم بالسلاح لم توفر لهم خطوط الإمداد.”

وأضاف: “في الوقت الذي كان فيه الرجال في ود النورة غير مدركين لمصدر تسليح بعض شباب القرية، كان ثلثا الذين يحاولون مقاومة الدعم السريع غير مسلحين، ويكتفون بالحصى والعصي.” قال: “لم تكن عملية تسليح بعض الرجال نتيجة منهجية من قِبل الجيش أو المقاومة الشعبية، ولم يكن لهما أي ارتباط بهذه العملية، بل كانت رغبة بعض قيادات المؤتمر الوطني في ولاية النيل الأبيض هي السبب وراء إجراءات التسليح.” أكد الدكتور إبراهيم مخير، عضو المكتب الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع، على قيام الحركة الإسلامية الإرهابية وجهاز استخبارات الجيش بتسليح مواطني الجزيرة من أجل دفعهم للدخول في صراعات مع قوات الدعم السريع. قال مخير في مقابلة مع “التغيير” إن “عناصر الحركة الإسلامية تسعى إلى إدخال البلاد في حرب أهلية شاملة لتحقيق أهدافهم في العودة إلى الحكم مرة أخرى”. اتهم إبراهيم مخير قيادة الجيش بالاعتماد على المدنيين والامتثال لمطالب الإرهابيين والحركات المسلحة للقتال إلى جانبهم.

وأضاف: “كانت هذه المطالب ظالمة، حيث أُهدِرت فيها ملايين الدولارات، مما أدى إلى المساس بكرامة وهيبة الجيش السوداني، ورغم ذلك لم تحقق أي انتصارات”. تم تسجيل إدانات واسعة للجرائم التي ارتكبتها قوات الدعم السريع ضد سكان قرى شرق الجزيرة من قبل جهات محلية ودولية، حيث نادت بضرورة حماية المدنيين ومحاسبة المسؤولين عن هذه الأفعال. اتهم ناشطون وأطباء سودانيون قوات الدعم السريع بقتل 124 مدنيًا جراء الهجمات التي استهدفت قرية السريحة في ولاية الجزيرة، والتي جاءت “انتقامًا” لانشقاق بعض القيادات من تلك الولاية عن الدعم السريع وانضمامها إلى الجيش.

تقول عضو محامو الطوارئ رحاب مبارك في مقابلة مع “التغيير” إن الوضع في الجزيرة سيء للغاية ومخيف، مما يدل على أن الحرب وصلت إلى أسوأ مراحلها من خلال استهداف المدنيين واعتداءاتهم داخل قراهم، ويظهر أن الدعم السريع مستمر في انتهاكاته غير المبررة. أفادت المبارك بأن الدعم السريع قد ارتكب جرائم ضد الإنسانية في مناطق التكينة وتمبول وود النورة، وأن تصرفاته هذه تتعارض مع جميع القوانين الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، إذ ينتهك المادة (3) من بروتوكول 1948 والملاحق التي أضيفت في عام 1977 من خلال استهداف المدنيين في قراهم، مما يعرضهم لخطر الموت الجماعي.

واتهمت المبارك الإسلاميين بما يحدث في الجزيرة من دعوة المواطنين للاستعداد في القرى وتجهيزهم بالسلاح، مما جعلهم عرضة لهجمات الدعم السريع. وحذرت المبارك المواطنين من الاستعداد وحمل السلاح لمواجهة الدعم السريع، لأنه قوة مدربة ومجهزة ولا تتردد في استخدام السلاح، مشيرة إلى أن هذه مهمة الجيش السوداني. قام عدد من الناشطين بنشر فيديوهات توعوية تدعو المواطنين إلى عدم الانسياق وراء دعوات تسليح المدنيين واستدعاء الميليشيات، حيث إن قوات الدعم السريع قد هاجمت جميع المناطق التي أعلن شبابها الاستنفار والتسلح لمواجهتها وقامت بارتكاب أبشع الانتهاكات بحقهم.

يرى الصحفي والمحلل السياسي أحمد حمدان أن استراتيجية الجيش تتمثل في تسليح المواطنين ليقوموا بمحاربة قوات الدعم السريع بدلاً عنه. ومنذ الأيام الأولى للصراع، تم تفعيل “المقاومة” الشعبية، التي تعتمد في فلسفتها على تجهيز الأفراد في مختلف مناطق السودان، ليكونوا على أهبة الاستعداد لمواجهة الدعم السريع، دون الحاجة لخروج الجيش من قواعده.

قال حمدان في مقابلة مع “التغيير” إن هذه الخطة تهدف إلى أمرين: الأول هو تحويل الصراع بين الدعم السريع والمواطنين، والهدف الثاني هو إظهار أن الدعم السريع يقاتل المدنيين بهدف تحقيق مكاسب سياسية للجيش، مما يجعل الدعم السريع في موقف الجاني. وأضاف: “كانت الخطة مكتوبة على الورق، وبعد تنفيذها من خلال تسليح بعض المواطنين، كانت النتائج معاكسة. لم يتمكن المواطنون من الصمود أمام الدعم السريع، وتعرضوا لهجرة كاملة في المناطق التي حملت السلاح وتلك التي لم تتحمل”. وتابع: “الطرفان في السودان لا يهتمان بالمواطنين ويتاجران بهم لتحقيق مكاسب سياسية. يقوم الجيش بتسليح المواطنين لكي يقاتلوا بدلاً عنه، بينما لا يمتلك الدعم السريع أي أخلاق في التعامل مع المواطنين، ويستخدم جميع أشكال العنف مثل القتل والإبادة والتهجير.”