في طريقنا للعاصمة الوطنية (أمدرمان)، عبرنا بمدينتي عطبرة وشندي. ورغم طول المسافة، إلّا أنّنا لم نشعر بها، فذاكرتي في تلك اللحظات أصابها الحنين، ودار شريط الذكريات مع بعضٍ من الأغنيات التي عظمت العاصمة التاريخية، على غرار رائعة الشاعر عبد المنعم عبد الحي التي تغنى بها أحمد المصطفى: (أنا أمدرمان تأمل في نجوعي.. أنا السودان تمثل في ربوعي.. أنا ابن الشمال سكنتُ قلبي.. على ابن الجنوب ضميت ضلوعي.. أنا أمدرمان سلوا النيلين عني)..
حياةٌ سهلة
ومع أعتاب المدينة الصامدة في وجه قذائف الجنجويد البربرية، يقابلك أكثر من ارتكازٍ للعبور، مظاهر الحياة كانت حاضرةً بقوة في (سوق الجرافة) الذي يكتظُ بإعدادٍ كبيرةٍ من المواطنين.
ثمّة هدوءٍ وزحام، وأنت تطوف في أحياء المدينة العتيقة خاصةً شارع الوادي، الذي بدا في كامل زينته، حيث هنالك الحياةُ موازيةً تمامًا للحرب من عمرانٍ، وأسواقٍ وزحام، ويبدو واضحًا بأنّه نتاج ثمار التأمين الجيد للقوات المسلحة والأجهزة النظامية الأخرى.
هنالك في (الوادي)، تعود بك الذاكرةُ مرةً أخرى وهي تشدو: (أنا أمدرمان إذا ما قلتُ أعني… فما نيل المطالب بالتمني).. فالتمني صاحبه تضحياتٌ جسامٌ لعضو مجلس السيادة ومساعد القائد العام الفريق أول ياسر العطا وأبنائه بالجيش والأجهزة النظامية والمستنفرين وكذلك جهود الجنرال الماهر نائب مدير جهاز المخابرات الفريق محمد عباس اللبيب واخرين رسموا معالم الانتصار قبل أشهرٍ، وحرروا أمدرمان القديمة، والتقى جيشي (الوادي والمهندسين).
(الكرامة) استطلعت في شارع الوادي عددًا من المواطنين ومن ضمنهم (محمد حسين)، الذي ذكر بأنّه عاد إلى أمدرمان قبل شهرٍ ونصف قادمًا من مصر. وأشار العائد للديار، إلى أنّ الحياة سهلةٌ في الثورات، والسلع متوفرة ومنتظمة بالأسواق والبقالات، وكذلك الخضروات والفواكه، بأسعارٍ أرخص من ولايات السودان المختلفة.
وناشد حسين من هم خارج البلاد، ومن هم من مواطني العاصمة في الولايات، بضرورة العودة لأمدرمان خاصةً مواطني أحياء (الروضة، وأمدرمان القديمة).
مذابح الميليشيا المجرمة
وكان والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة، قد التقى وفدًا إعلاميًا زائرًا لأمدرمان برئاسة الأستاذ الهندي عز الدين رئيس تحرير صحيفة المجهر السياسي، والصحفي بابكر يحيى وشخصي، في حضور مدير عام وزارة الثقافة والإعلام والسياحة الناطق الرسمي باسم حكومة ولاية الخرطوم الطيب سعد الدين.
وقدم حمزة تنويرًا ضافيًا عن سير (حرب الكرامة) وتوسع الرقعة الآمنة، مما شجع أعدادًا كبيرةً من المواطنين بالعودة إلى منازلهم.
وقال الوالي إنّ أكبر التحديات التي تواجه الولاية هي الأعداد الكبيرة من الوافدين والناجين من مذابح الميليشيا المتمردة في مناطق الجزيرة ودارفور، مما يتطلب تقديم المزيد من العون الإنساني والإيواء والخدمات، كما أنّ أكثر ما يؤرق حكومة الولاية هو قصف الميليشيا الإرهابية للأحياء السكنية، ووقوع أضرارٍ كبيرة وسط المواطنين.
من جهته، أعرب رئيس الوفد عن تقديرهم لصمود والي الخرطوم، مؤكدًا أنّ هذه الزيارة تأتي دعمًا لهذا الصمود والوقوف على أحوال المواطنين وتوظيف المنابر والمنصات الإعلامية الوطنية لدعم صمود المواطنين، والمساعدة في فضح ممارسات الميليشيا ضد المواطنين العُزل.
امدرمان القديمة
عودة المظاهر الحياة تعد دافعا مهما لعودة المواطنين والتي لم تتوقف حيث بدات أحياء الشهداء والعرضة امدرمان وسوق امدرمان استعادة بريقها مع تدفق الاسر التي هاجرت منها وأن كانت هذه المناطق تحديدا تشهد بط في العودة وبعض أبواب المنازل مغلقة في انتظار ان معانقة ساكنيها .
بدا واضحا جهد الولاية خاصة على مستوى النظافة والبيئة حيث بدأت أحياء امدرمان القديمة (اب روف وود نوباوي ، بيت المال، ود ارو، المظاهر، بانت، المسالمة، حي العرب، العرضة، الملازمين ) أكثر نظافة رغم ما شهدته تلك المناطق من معارك شرسة وان كانت لا تزال بعض من معالمها واضحة في الجدران.
وبعد تسعة اشهر من تحرير امدرمان القديمة بدأت هذه الأحياء أكثر نضرة حيث كسرت تلك الأقوال التي كانت تذهب إلى أن تهئية أمدرمان القديمة ستستغرق سنوات وذلك لما جري فيها من خراب ودمار وتكدس للجثث.
اليوم احياء امدرمان القديمة باتت أكثر امانا ونضرة وهي في انتظار الاسرة التي غادرتها فمسيد الشيخ قريب لا زال ينتظر حركة مرتاديه واسواقها في انتظار تجارها
امدرمان اليوم تقف شامخة لسان حالها اليوم كما كتب الشاعر الشهير عبد الله محمد زين
أنا أمدرمان .. أنا السودان أنا الدرة البزيــن بلدي
أنا البرعاك ســـلام و وأمان و أنـا البفداك يا ولدي)